أخبار وطنية وسط تجاذبات بين الأمنيين والسياسيين: هل تواطأت وزارة الشؤون الدّينية مع المتشدّدين ودعاة الفتنة؟

أثار تصريح وزير الداخلية لطفي بن جدّو عديد المواقف عندما اتهم صراحة وزارة الشؤون الدينية بانّها لم تتفاعل بالقدر الكافي مع وزارة الداخلية من أجل السيطرة على المساجد وظاهرة اعتلاء المنابر من أطراف تعرف بالتشدّد وتدعو الى الفتنة والدّعاية الحزبية، حيث ظلّت عديد المساجد خارج السيطرة وفي هذا الإطار اتصلنا ببعض السياسيين والمستشار السابق لوزير الشؤون الدّينية لعرض وجهات نظرهم.
الصادق العرفاوي (المستشار السابق لوزير الشؤون الدينية): بعض الجهات الأمنية رفضت التدخل
عبر الصادق العرفاوي عن استغرابه لتصرحيات وزيرالداخلية الذي ـ حسب قوله ـ اراد ابراز وزارة الشؤون الدّينية كمؤسسة لا تريد وضع حدّ للتسيّب الذي عرفته المساجد بعد الثورة مشيرا الى انّ وزارة الشؤون الدينية هي من بادرت الى عقد اجتماع رباعي جمع كل من الوزارة المعنية ووزارة الداخلية والعدل والمكلّف بنزاعات الدولة في شهر مارس 2013 لكن واجب التحفظ منعها من نشر ذلك في وسائل الإعلام، وقد أعلنت الوزارة خلال الاجتماع انّ الأمر يتجاوز وزارة الشؤون الدينية وطلبت صراحة ان يقع معاضدتها من بقيّة الوزارات للسيطرة على المساجد، كما بيّن لنا انّ بعض الجهات الأمنية لم تكن مستعدّة للتعامل مع مسألة المساجد وترفض التدخّل بدعوى عدم توفّر الغطاء القانوني لتدخلها وتكتفي بتحرير محاضر في الغرض.. وأضاف العرفاوي انّ الوزارة كثيرا ما تكلّف إماما على مسجد لكنها تفاجأ بأطراف متشدّدة تمنعه من الخطابة وليفاجأوا بعد ذلك انّ الجهة الأمنية لا تعاضده للوقوف على المنبر وترفض التدخّل فيظلّ الأمر على ما هو عليه، لأنّه والكلام للصادق العرفاوي الوزارة لا تملك القوة العامّة بل اكثر من ذلك فانّ عشرات القضايا صدرت فيها أحكام لصالح الوزارة لكنها لم تنفذ وأئمة كثر وقع الاعتداء عليهم لكن وزارة الداخلية لم تحرّك ساكنا وهي كلها ادلّة على ان الوزارة كانت لها إرادة ورغبة في السيطرة على كل المساجد.
واعتبر العرفاوي ان تصريحات وزير الداخلية الغاية منها تحميل المسؤوليّة الى الوزير السابق والى حكومة الترويكا بصفة عامّة.
عبد الوهاب الهاني (حزب المجد):كلام وزير الداخلية في محله
اعتبر عبد الوهاب الهاني انّ تصريحات وزير الداخلية التي أكدت أنّ وزارة الشؤون الدينية لم تتفاعل بالقدر الكافي مع الداخلية مهمّة ويشاطره الرأي فيها باعتبار انّ الكثيرين نبّهوا الى تهاون وزارة الشؤون الدّينية او ربّما تبسيطها لظاهرة التشدّد الديني وتغاضيها عنه وهو ما يفسّر البطء في التعامل معها الى ان عشنا ـ والقول للهاني ـ للأسف تحريضا مباشرا على قتل المعارضين وهو ما تمّ فعلا، واشار الى انّ تصريحات لطفي بن جدّو تتطابق ايضا مع تصريحات المنصف المرزوقي الذي صرّح انهم لم يكونوا يعتقدون انّ بلادنا ستبلغ هذه المرحلة المتقدّمة من ظاهرة الارهاب واننا سنعيش على وقع الاغتيالات والكمائن وذبح الجنود، ويخلص الهاني الى القول انّ وزارة الشؤون الدينية متورّطة بشكل أو بآخر فسح المجال الى دعاة القتل والفتنة وذلك بالتغاضي عن جزء كبير من الأئمّة المتشدّدين، وتمنّى الهاني ان يتمّ في حكومة مهدي جمعة السيطرة بالكامل على المساجد.
عمر الشتوي (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية): لا يمكن للوزارة بهذه الإمكانات فتح مواجهة مع المتشددين
نفى الأستاذ عمر الشتوي ان تكون وزارة الشؤون الدينية تواطأت أو تخاذلت في السيطرة على المساجد بل اعتبر انّ ما يعاب عليها من قبل بعض الأطراف هو التدرّج في معالجة الظاهرة، مشيرا الى انّه لا يمكن لوزارة الشؤون الدينية بإمكاناتها المتواضعة فتح مواجهة حاسمة مع من سيطروا على المساجد، وبين الشتوي انه وكدليل علي حسن نيّتها ورغبتها في استعادة كل المساجد لم يتبق ممن هم خارج السيطرة الا 100 مسجد أو أقلّ، وأضاف الأستاذ الشتوي انّ الجميع يتجاهل حالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد بعد الثورة حيث تمّ انزال الأئمّة من المنابر بالقوة وصعود آخرين عرفوا بتشدّدهم، وتمّ احتلال معظم المساجد ورغم ذلك تمت السيطرة على الوضع بإمكانات متواضعة ليخلص الى ان اتهام وزارة الشؤون الدينية مع المتشدّدين الدّينيين هو مغالطة كبرى.
الفاضل عاشور (رئيس النقابة الوطنية للإطارات الدّينية): الخادمي سعى حتى إلى فرض مستشاريه كموظفين
ساند الفاضل عاشور وزيرالداخلية في ما صرّح به بأنّ وزارة الشؤون الدّينية لم تتعاون بما فيه الكفاية مع وزارة الداخلية من أجل السيطرة على المساجد، وذكر ان الوزير السابق لم يكتف بتساهله وتجاهله للنداءات بالسيطرة على المساجد بل انّه سعى أيضا قبل رحيله الى تسمية بعض مستشاريه كموظّفين داخل الوزارة، ونفى الفاضل عاشور ان تكون وزارة الشؤون الدينية حريصة على السيطرة على المساجد بل بالعكس تريد الابقاء على حالة الفوضى واستثمار الفراغ القانوني من اجل خدمة اهداف حزب حركة النهضة، لأنّها تعتقد ان ابقاء الوضع على ما هو عليه سيساعدها على البقاء في الحكم باعتبار الدعاية الحزبية التي ستحصل عليها من خلال هؤلاء الأئمة وايضا من خلال شيطنة المعارضة، فالوزارة وللأسف كانت تعتقد ان المساجد ستكون بوق دعاية مجانية لها.
وأضاف الفاضل بن عاشور انّ الوزارة ولتبرئة ذمّتها كانت تستعين بعدول التنفيذ لمنع الأئمة غير المعترف بهم من اعتلاء المنابر دون التتبع الجزائي الذي سيكون فعّالا ويقضي على ظاهرة الفوضى في المساجد.
واعتبر الفاضل عاشور ان المساجد التي خارج السيطرة تتجاوز الـ200 مسجد لأنّ كل امام او اطار داخل احد المساجد يعني انّ هذا المسجد هو خارج السيطرة ولا سلطان لوزاة الشؤون الدينية عليه، واستغرب ان يظل هذا العدد من المساجد خارج السيطرة بعد عامين من حكم الترويكا وانه لا سبيل لانتخابات نزيهة وشفافة وعديد المساجد لا سلطان عليها تمارس فيها الدعاية الحزبيّة ويشيطن فيها المعارضون.
عبد اللطيف العبيدي